محمود درويش
صفحة 1 من اصل 1
محمود درويش
بسم الله الرحمان الرحيم
الكلمات العابرة
أيــها المـــارون بين الكلمــات العــابرة
احملــوا أســماءكم وانصـرفــوا
واســحبوا ساعــاتكم من وقتنا ،و انصرفوا
وخذوا ما شئتم مــن زرقــة البحر و رمل الذاكرة
و خذوا ما شئتم من صــور،كي تعرفوا
انكم لن تعرفــوا
كيف يبني حجر من ارضنـا ســقف الـسماء
ايها الــمـــارون بــــيـــن الــكــلــمـات الـــعــابــرة
مــــنــــكــــم الــــســــيــــف - ومــــــنـــــا دمــــــنـــــا
مـــنـــكــم الــــفــــولاذ والــــنــــار- ومــــنـــا لــحــمــنـا
مـــنـــكــم دبــــابــــة اخــــــــرى- ومــــنــــا حــــجــــر
مـــنـــكــم قــنــبــلــة الــــغــــاز - ومــــنــــا الـــمــطــر
وعــلــيـنـا مــــــا عــلــيـكـم مــــــن ســـمــاء وهـــــواء
فــــخـــذوا حــصــتــكـم مـــــــن دمــــنـــا وانـــصــرفــوا
وادخـــلـــوا حـــفـــل عـــشـــاء راقــــــص..و انــصــرفـوا
وعــلــيــنــا ،نــــحـــن، ان نــــحـــرس ورد الـــشــهــداء
و عــلـيـنـا ،نـــحــن، ان نــحــيـا كـــمــا نــحــن نــشــاء
ايــــهــــا الــــمـــارون بــــيـــن الــكــلــمـات الـــعــابــرة
كــالــغـبـار الـــمـــر مـــــروا ايــنــمـا شــئــتـم ولـــكــن
لا تـــــمــــروا بـــيــنــنــا كـــالــحــشــرات الـــطـــائـــرة
خــــلـــنـــا فــــــــــي ارضـــــنــــا مـــــــــا نـــعـــمـــل
و لـــنــا قــمــح نــربـيـه و نـسـقـيـه نــــدى اجــسـادنـا
:و لـــــنــــا مـــــــــا لـــــيــــس يــرضــيــكــم هــــنــــا
حـــــــــــــــجـــــــــــــــر.. او خـــــــــــــــجـــــــــــــــل
فـــخــذوا الــمـاضـي،اذا شــئـتـم الــى ســوق الــتـحـف
و اعــيــدوا الـهـيـكـل الـعـظـمـي لـلـهـدهد، ان شـئـتـم
عــــــــــلـــــــــى صــــــــــحـــــــــن خــــــــــــــــــزف
لناما ليس يرضيكم ،لنا المستقبل ولنا في ارضنا ما نعمل
ايــــهــــا الــــمـــارون بــــيـــن الــكــلــمـات الـــعــابــره
كــدسـوا اوهـامـكـم فـــي حــفـرة مـهـجورة ، وانـصـرفوا
واعـيـدوا عـقـرب الـوقـت الـى شـرعية الـعجل الـمقدس
او الــــــــــــى تــــوقــــيـــت مــوســيــقــى مــسـدس
فــلــنــا مـــــا لـــيــس يــرضـيـكـم هـــنــا ، فــانـصـرفـوا
ولــنـا مــا لـيـس فـيـكم : وطــن يـنـزف و شـعـبا يـنـزف
وطـــــنـــــا يــــصـــلـــح لــلــنــســيـان او لـــلـــذاكـــرة
ايــــهــــا الــــمـــارون بــــيـــن الــكــلــمـات الـــعــابــرة
آن ان تـــــــــــــنــــــــصــــــــرفــــــــــــوا
وتــقـيـمـوا ايــنــمـا شــئـتـم ولــكــن لا تـقـيـمـوا يــنـنـا
آن ان تـــــــــــــنــــــــصــــــــرفــــــــــــوا
ولــتـمـوتـوا ايــنـمـا شــئـتـم ولــكــن لا تــمـوتـو بـيـنـنـا
فـــــلــــنــــا فـــــــــــــي ارضــــــنــــــا مـــانـــعـــمـــل
ولــــــــــنـــــــــا الـــــــمــــــاضــــــي هــــــــــنـــــــــا
ولـــــــــنــــــــا صـــــــــــــــــوت الــــــحـــــيـــــاة الاول
ولــــــنـــــا الــحــاضــر،والــحــاضـر ، والــمــســتــقــبـل
ولــــــنــــــا الــــدنــــيــــا هــــــنــــــا...و الاخـــــــــــرة
فـــــــاخــــــرجــــــوا مــــــــــــــــــن ارضـــــــــنـــــــــا
مــــــــــــــن بـــــــرنـــــــا ..مـــــــــــــن بـــــحــــرنــــا
مــــــن قــمــحـنـا ..مـــــن مــلـحـنـا ..مـــــن جــرحــنـا
مــــــــــــــــن كــــــــــــــــل شــــــيء،واخـــــرجـــــوا
مــــــــــــــــــن ذكـــــــــريـــــــــات الـــــــــذاكـــــــــرة
أيــــهـــا الــــمـــارون بـــيـــن الــكــلـمـات الــعــابــرة
إلى أمي
أحنُّ إلى خبزِ أمّي
وقهوةِ أمّي
ولمسةِ أمّي
وتكبرُ فيَّ الطفولةُ
يوماً على صدرِ يومِ
وأعشقُ عمري لأنّي
إذا متُّ
أخجلُ من دمعِ أمّي
خذيني، إذا عدتُ يوماً
وشاحاً لهُدبكْ
وغطّي عظامي بعشبِ
تعمّد من طُهرِ كعبكْ
وشدّي وثاقي..
بخصلةِ شَعر..
بخيطٍ يلوّحُ في ذيلِ ثوبكْ
عساني أصيرُ إلهاً
إلهاً أصير..
إذا ما لمستُ قرارةَ قلبكْ!
ضعيني، إذا ما رجعتُ
وقوداً بتنّورِ ناركْ
وحبلِ الغسيلِ على سطحِ دارِكْ
لأني فقدتُ الوقوفَ
بدونِ صلاةِ نهارِكْ
هرِمتُ، فرُدّي نجومَ الطفولة
حتّى أُشارِكْ
صغارَ العصافيرِ
دربَ الرجوع..
لعشِّ انتظاركْ..
*****************************************
رد: محمود درويش
قصيدة جدارية
هذا هو اسمكَ
قالتِ امرأة
وغابت في الممرّ اللولبي...
أرى السماء هُناكَ في متناولِ الأيدي
ويحملني جناحُ حمامة بيضاءَ صوبَ
طفولة أخرى. ولم أحلم بأني
كنتُ أحلمُ. كلُّ شيء واقعيّ. كُنتُ
أعلمُ أنني ألقي بنفسي جانباً...
وأطيرُ. سوف أكون ما سأصيرُ في
الفلك الأخيرِ. وكلُّ شيء أبيضُ،
البحرُ المعلَّق فوق سقف غمامة
بيضاءَ. واللا شيء أبيضُ في
سماء المُطلق البيضاء. كُنتُ، ولم
أكُن. فأنا وحيد في نواحي هذه
الأبديّة البيضاء. جئتُ قُبيَل ميعادي
:فلم يظهر ملاك واحد ليقول لي
"ماذا فعلتَ، هناك، في الدنيا؟"
ولم أسمع هتَافَ الطيَبينَ، ولا
أنينَ الخاطئينَ، أنا وحيد في البياض،
أنا وحيدُ...
لا شيء يُوجِعُني على باب القيامةِ.
لا الزمانُ ولا العواطفُ. لا أُحِسُّ بخفَّةِ
الأشياء أو ثقل
:الهواجس. لم أجد أحداً لأسأل
أين "أيني" الآن؟ أين مدينة
الموتى، وأين أنا؟ فلا عدم
هنا في اللا هنا... في اللا زمان،
ولا وُجُودُ
وكأنني قد متُّ قبل الآن...
أعرفُ هذه الرؤية وأعرفُ أنني
أمضي إلى ما لستُ أعرفُ. رُبَّما
ما زلتُ حيّاً في مكان ما، وأعرفُ
ما أريدُ...
سأصير يوماً فكرةً. لا سيفَ يحملُها
إلى الأرض اليباب، ولا كتابَ...
كأنها مطر على جبل تصدَّع من
تفتُّحِ عُشبة،
لا القُوَّةُ انتصرت
ولا العدلُ الشريدُ
سأصير يوماً ما أريدُ
سأصير يوماً طائراً، وأسُلُّ من عدمي
وجودي. كُلَّما احترقَ الجناحانِ
اقتربت من الحقيقةِ. وانبعثتُ من
الرماد. أنا حوارُ الحالمين، عَزفتُ
عن جسدي وعن نفسي لأكملَ
رحلتي الأولى إلى المعاني، فأحرقني
وغاب. أنا الغيابُ، أنا السماويُّ
الطريدُ. سأصير يوماً ما أريدُ
سأصير يوماً شاعراً،
والماءُ رهنُ بصيرتي. لُغتي مجاز
للمجاز، فلا أقول ولا أشيرُ
إلى مكان. فالمكان خطيئتي وذريعتي.
أنا من هناك. "هُنايَ" يقفزُ
من خُطايَ إلى مُخيّلتي...
أنا من كنتُ أو سأكون
يصنعُني ويصرعُني الفضاءُ
اللانهائيُّ
المديدُ.
سأصير يوماً ما أريدُ
سأصيرُ يوماً كرمةً،
فليعتصرني الصيفُ منذ الآن،
وليشرب نبيذي العابرون على
ثُريّات المكان السكّريِّ!
أنا الرسالةُ والرسولُ
أنا العناوينُ الصغيرةُ والبريدُ
سأصير يوماً ما أريدُ
هذا هوَ اسمُكَ
قالتِ امرأة،
وغابت في ممرِّ بياضها
!هذا هو اسمُكَ، فاحفظِ اسمكَ جيِّداً
لا تختلف معهُ على حرف
ولا تعبأ براياتِ القبائلِ،
كُن صديقاً لاسمك الأفقَيِّ
جرِّبهُ مع الأحياء والموتى
ودرِّربهُ على النُطق الصحيح برفقة
الغرباء
واكتبهُ على إحدى صُخور الكهف،
يا اسمي: سوف تكبرُ حين أكبرُ
الغريبُ أخُو الغريب
سنأخذُ الأنثى بحرف العلَّة المنذور
للنايات.
يا اسمي: أين نحن الآن؟
قل: ما الآن، ما الغدُ؟
ما الزمانُ وما المكانُ
وما القديمُ وما الجديدُ؟
سنكون يوماً ما نريدُ (...).
فكِّر بغيرك
وأنتَ تُعِدُّ فطورك، فكِّر بغيركَ
[لا تَنْسَ قوتَ الحمام]
وأنتَ تخوضُ حروبكَ، فكِّر بغيركَ
[لا تنس مَنْ يطلبون السلام]
وأنتَ تسدد فاتورةَ الماء، فكِّر بغيركَ
[مَنْ يرضَعُون الغمامٍ]
وأنتَ تعودُ إلى البيت، بيتكَ، فكِّر بغيركَ
[ لا تنس شعب الخيامْ]
وأنت تنام وتُحصي الكواكبَ، فكِّر بغيركَ
[ثمّةَ مَنْ لم يحد حيّزاً للمنام]
وأنت تحرّر نفسك بالاستعارات، فكِّر بغيركَ
[مَنْ فقدوا حقَّهم في الكلام]
وأنت تفكر بالآخرين البعيدين، فكِّر بنفسك
[ قُلْ: ليتني شمعةُ في الظلام
هذا هو اسمكَ
قالتِ امرأة
وغابت في الممرّ اللولبي...
أرى السماء هُناكَ في متناولِ الأيدي
ويحملني جناحُ حمامة بيضاءَ صوبَ
طفولة أخرى. ولم أحلم بأني
كنتُ أحلمُ. كلُّ شيء واقعيّ. كُنتُ
أعلمُ أنني ألقي بنفسي جانباً...
وأطيرُ. سوف أكون ما سأصيرُ في
الفلك الأخيرِ. وكلُّ شيء أبيضُ،
البحرُ المعلَّق فوق سقف غمامة
بيضاءَ. واللا شيء أبيضُ في
سماء المُطلق البيضاء. كُنتُ، ولم
أكُن. فأنا وحيد في نواحي هذه
الأبديّة البيضاء. جئتُ قُبيَل ميعادي
:فلم يظهر ملاك واحد ليقول لي
"ماذا فعلتَ، هناك، في الدنيا؟"
ولم أسمع هتَافَ الطيَبينَ، ولا
أنينَ الخاطئينَ، أنا وحيد في البياض،
أنا وحيدُ...
لا شيء يُوجِعُني على باب القيامةِ.
لا الزمانُ ولا العواطفُ. لا أُحِسُّ بخفَّةِ
الأشياء أو ثقل
:الهواجس. لم أجد أحداً لأسأل
أين "أيني" الآن؟ أين مدينة
الموتى، وأين أنا؟ فلا عدم
هنا في اللا هنا... في اللا زمان،
ولا وُجُودُ
وكأنني قد متُّ قبل الآن...
أعرفُ هذه الرؤية وأعرفُ أنني
أمضي إلى ما لستُ أعرفُ. رُبَّما
ما زلتُ حيّاً في مكان ما، وأعرفُ
ما أريدُ...
سأصير يوماً فكرةً. لا سيفَ يحملُها
إلى الأرض اليباب، ولا كتابَ...
كأنها مطر على جبل تصدَّع من
تفتُّحِ عُشبة،
لا القُوَّةُ انتصرت
ولا العدلُ الشريدُ
سأصير يوماً ما أريدُ
سأصير يوماً طائراً، وأسُلُّ من عدمي
وجودي. كُلَّما احترقَ الجناحانِ
اقتربت من الحقيقةِ. وانبعثتُ من
الرماد. أنا حوارُ الحالمين، عَزفتُ
عن جسدي وعن نفسي لأكملَ
رحلتي الأولى إلى المعاني، فأحرقني
وغاب. أنا الغيابُ، أنا السماويُّ
الطريدُ. سأصير يوماً ما أريدُ
سأصير يوماً شاعراً،
والماءُ رهنُ بصيرتي. لُغتي مجاز
للمجاز، فلا أقول ولا أشيرُ
إلى مكان. فالمكان خطيئتي وذريعتي.
أنا من هناك. "هُنايَ" يقفزُ
من خُطايَ إلى مُخيّلتي...
أنا من كنتُ أو سأكون
يصنعُني ويصرعُني الفضاءُ
اللانهائيُّ
المديدُ.
سأصير يوماً ما أريدُ
سأصيرُ يوماً كرمةً،
فليعتصرني الصيفُ منذ الآن،
وليشرب نبيذي العابرون على
ثُريّات المكان السكّريِّ!
أنا الرسالةُ والرسولُ
أنا العناوينُ الصغيرةُ والبريدُ
سأصير يوماً ما أريدُ
هذا هوَ اسمُكَ
قالتِ امرأة،
وغابت في ممرِّ بياضها
!هذا هو اسمُكَ، فاحفظِ اسمكَ جيِّداً
لا تختلف معهُ على حرف
ولا تعبأ براياتِ القبائلِ،
كُن صديقاً لاسمك الأفقَيِّ
جرِّبهُ مع الأحياء والموتى
ودرِّربهُ على النُطق الصحيح برفقة
الغرباء
واكتبهُ على إحدى صُخور الكهف،
يا اسمي: سوف تكبرُ حين أكبرُ
الغريبُ أخُو الغريب
سنأخذُ الأنثى بحرف العلَّة المنذور
للنايات.
يا اسمي: أين نحن الآن؟
قل: ما الآن، ما الغدُ؟
ما الزمانُ وما المكانُ
وما القديمُ وما الجديدُ؟
سنكون يوماً ما نريدُ (...).
فكِّر بغيرك
وأنتَ تُعِدُّ فطورك، فكِّر بغيركَ
[لا تَنْسَ قوتَ الحمام]
وأنتَ تخوضُ حروبكَ، فكِّر بغيركَ
[لا تنس مَنْ يطلبون السلام]
وأنتَ تسدد فاتورةَ الماء، فكِّر بغيركَ
[مَنْ يرضَعُون الغمامٍ]
وأنتَ تعودُ إلى البيت، بيتكَ، فكِّر بغيركَ
[ لا تنس شعب الخيامْ]
وأنت تنام وتُحصي الكواكبَ، فكِّر بغيركَ
[ثمّةَ مَنْ لم يحد حيّزاً للمنام]
وأنت تحرّر نفسك بالاستعارات، فكِّر بغيركَ
[مَنْ فقدوا حقَّهم في الكلام]
وأنت تفكر بالآخرين البعيدين، فكِّر بنفسك
[ قُلْ: ليتني شمعةُ في الظلام
رد: محمود درويش
وهذه بعض قصائد الشاعر الراحل:
فكِّر بغيرك
وأنتَ تُعِدُّ فطورك، فكِّر بغيركَ
[لا تَنْسَ قوتَ الحمام]
وأنتَ تخوضُ حروبكَ، فكِّر بغيركَ
[لا تنس مَنْ يطلبون السلام]
وأنتَ تسدد فاتورةَ الماء، فكِّر بغيركَ
[مَنْ يرضَعُون الغمامٍ]
وأنتَ تعودُ إلى البيت، بيتكَ، فكِّر بغيركَ
[ لا تنس شعب الخيامْ]
وأنت تنام وتُحصي الكواكبَ، فكِّر بغيركَ
[ثمّةَ مَنْ لم يحد حيّزاً للمنام]
وأنت تحرّر نفسك بالاستعارات، فكِّر بغيركَ
[مَنْ فقدوا حقَّهم في الكلام]
وأنت تفكر بالآخرين البعيدين، فكِّر بنفسك
[ قُلْ: ليتني شمعةُ في الظلام ]
---------------------------------------------------------------
الآن في المنفى
الآن، في المنفى ... نعم في البيتِ،
في الستّينَ من عُمْرٍ سريعٍ
يُوقدون الشَّمعَ لك
فافرح، بأقصى ما استطعتَ من الهدوء،
لأنَّ موتاً طائشاً ضلَّ الطريق إليك
من فرط الزحام.... وأجّلك
قمرٌ فضوليٌّ على الأطلال,
يضحك كالغبي
فلا تصدِّق أنه يدنو لكي يستقبلك
هُوَ في وظيفته القديمة، مثل آذارَ
الجديدِ ... أعادَ للأشجار أسماءَ الحنينِ
وأهمَلكْ
فلتحتفلْ مع أصدقائكَ بانكسار الكأس.
في الستين لن تجِدَ الغَدَ الباقي
لتحملَهُ على كتِفِ النشيد ... ويحملكْ
قُلْ للحياةِ، كما يليقُ بشاعرٍ متمرِّس:
سيري ببطء كالإناث الواثقات بسحرهنَّ
وكيدهنَّ. لكلِّ واحدةْ نداءُ ما خفيٌّ:
هَيْتَ لَكْ / ما أجملَكْ!
سيري ببطءٍ، يا حياةُ ، لكي أراك
بِكامل النُقصان حولي. كم نسيتُكِ في
خضمِّكِ باحثاً عنِّي وعنكِ. وكُلَّما أدركتُ
سرَاً منك قُلتِ بقسوةٍ: ما أّجهلَكْ!
قُلْ للغياب: نَقَصتني
وأنا حضرتُ ... لأُكملَكْ!
---------------------------------------
حين تطيل التأمل
حين تُطيل التأمُّلَ في وردةٍ
جَرَحَت حائطاً، وتقول لنفسكَ:
لي أملٌ في الشفاء من الرمل /
يخضرُّ قلبُكَ...
حين تُرافقُ أُنثى إلى السيرك
ذاتَ نهارٍ جميلٍ كأيثونةٍ ....
وتحلُّ كضيفٍ على رقصة الخيل /
يحمرُّ قلبكَ ...
حين تعُدُّ النجومَ وتُخطئُ بعد
الثلاثة عشر، وتنعس كالطفل
في زُرقة الليلِ /
يبيضُّ قلبُكَ ...
حين تَسيرُ ولا تجد الحُلْمَ
يمشي أمامك كالظلّ /
يصفرُّ قلبك ...
----------------------------------------------------
إن مشيت على شارع
إن مشيت على شارعٍ لا يؤدي إلى هاوية
قُل لمن يجمعون القمامة: شكراً!
إن رجعتَ إلى لبيت، حيّاً، كما ترجع القافية
بلا خللٍ، قُلْ لنفسك: شكراً!
إن توقَّعتَ شيئاً وخانك حدسك،فاذهب غداً
لتى أين كُنتَ، وقُلْ للفرائة: شكراً!
إن صرخت بكل قواك، ورد عليك الصدى
"مَنْ هناك؟" فقل للهويّة: شكراً!
إن نظرتَ إلى وردةٍ دون أن توجعكْ
وفرحتَ بها، قل لقلبك: شكراً!
إن نهضت صباحاً، ولم تجد الآخرين معك
يفركون جفونك، قل للبصيرة: شكراً!
إن تذكرت حرفاً من اسمك واسم بلادك،
كن ولداً طيباً!
ليقول لك الربُّ: شكراً!
------------------------------------------------------
فكِّر بغيرك
وأنتَ تُعِدُّ فطورك، فكِّر بغيركَ
[لا تَنْسَ قوتَ الحمام]
وأنتَ تخوضُ حروبكَ، فكِّر بغيركَ
[لا تنس مَنْ يطلبون السلام]
وأنتَ تسدد فاتورةَ الماء، فكِّر بغيركَ
[مَنْ يرضَعُون الغمامٍ]
وأنتَ تعودُ إلى البيت، بيتكَ، فكِّر بغيركَ
[ لا تنس شعب الخيامْ]
وأنت تنام وتُحصي الكواكبَ، فكِّر بغيركَ
[ثمّةَ مَنْ لم يحد حيّزاً للمنام]
وأنت تحرّر نفسك بالاستعارات، فكِّر بغيركَ
[مَنْ فقدوا حقَّهم في الكلام]
وأنت تفكر بالآخرين البعيدين، فكِّر بنفسك
[ قُلْ: ليتني شمعةُ في الظلام ]
---------------------------------------------------------------
الآن في المنفى
الآن، في المنفى ... نعم في البيتِ،
في الستّينَ من عُمْرٍ سريعٍ
يُوقدون الشَّمعَ لك
فافرح، بأقصى ما استطعتَ من الهدوء،
لأنَّ موتاً طائشاً ضلَّ الطريق إليك
من فرط الزحام.... وأجّلك
قمرٌ فضوليٌّ على الأطلال,
يضحك كالغبي
فلا تصدِّق أنه يدنو لكي يستقبلك
هُوَ في وظيفته القديمة، مثل آذارَ
الجديدِ ... أعادَ للأشجار أسماءَ الحنينِ
وأهمَلكْ
فلتحتفلْ مع أصدقائكَ بانكسار الكأس.
في الستين لن تجِدَ الغَدَ الباقي
لتحملَهُ على كتِفِ النشيد ... ويحملكْ
قُلْ للحياةِ، كما يليقُ بشاعرٍ متمرِّس:
سيري ببطء كالإناث الواثقات بسحرهنَّ
وكيدهنَّ. لكلِّ واحدةْ نداءُ ما خفيٌّ:
هَيْتَ لَكْ / ما أجملَكْ!
سيري ببطءٍ، يا حياةُ ، لكي أراك
بِكامل النُقصان حولي. كم نسيتُكِ في
خضمِّكِ باحثاً عنِّي وعنكِ. وكُلَّما أدركتُ
سرَاً منك قُلتِ بقسوةٍ: ما أّجهلَكْ!
قُلْ للغياب: نَقَصتني
وأنا حضرتُ ... لأُكملَكْ!
---------------------------------------
حين تطيل التأمل
حين تُطيل التأمُّلَ في وردةٍ
جَرَحَت حائطاً، وتقول لنفسكَ:
لي أملٌ في الشفاء من الرمل /
يخضرُّ قلبُكَ...
حين تُرافقُ أُنثى إلى السيرك
ذاتَ نهارٍ جميلٍ كأيثونةٍ ....
وتحلُّ كضيفٍ على رقصة الخيل /
يحمرُّ قلبكَ ...
حين تعُدُّ النجومَ وتُخطئُ بعد
الثلاثة عشر، وتنعس كالطفل
في زُرقة الليلِ /
يبيضُّ قلبُكَ ...
حين تَسيرُ ولا تجد الحُلْمَ
يمشي أمامك كالظلّ /
يصفرُّ قلبك ...
----------------------------------------------------
إن مشيت على شارع
إن مشيت على شارعٍ لا يؤدي إلى هاوية
قُل لمن يجمعون القمامة: شكراً!
إن رجعتَ إلى لبيت، حيّاً، كما ترجع القافية
بلا خللٍ، قُلْ لنفسك: شكراً!
إن توقَّعتَ شيئاً وخانك حدسك،فاذهب غداً
لتى أين كُنتَ، وقُلْ للفرائة: شكراً!
إن صرخت بكل قواك، ورد عليك الصدى
"مَنْ هناك؟" فقل للهويّة: شكراً!
إن نظرتَ إلى وردةٍ دون أن توجعكْ
وفرحتَ بها، قل لقلبك: شكراً!
إن نهضت صباحاً، ولم تجد الآخرين معك
يفركون جفونك، قل للبصيرة: شكراً!
إن تذكرت حرفاً من اسمك واسم بلادك،
كن ولداً طيباً!
ليقول لك الربُّ: شكراً!
------------------------------------------------------
رد: محمود درويش
كمقهى صغير هو الحبّ
كمقهى صغير على شارع الغرباء -
هو الحبُّ ... يفتح أبوابه للجميع.
كمقهى يزيد وينقُصُ وَفْق المُناخ:
إذا هَطَلَ المطرُ ازداد رُوّادُهُ،
وإذا اعتدل الجو قلُّوا وملُّوا...
أنا ههنا - يا غربيةُ - في الركم أجلس
[ما لون عينيكِ؟ ما اسمكِ؟ كيف
أناديك حين تَمُرِّين بي، وأنا جالس
في انتظاركِ؟ ]
مقهى صغيرٌ هو الحبُّ. أطلب كأسي
نبيذٍ وأشرب نخبي ونخبك. أحمل
قبّعتين وشمسية. إنها تمطر الآن.
تمطر أكثر من أي يوم، ولا تدخلين.
أقول لنفسي أخيراً: لعل التي كنت
أنتظرُ انتظَرَتْني ... أو انتظَرتْ رجلاً
آخرَ - انتظرتنا ولم تتعرف عليه / عليَّ،
وكانت تقول: أنا ههنا في انتظارك.
[ما لون عينيكَ؟ أي نبيذْ تحبُّ؟
وما اسمكَ؟ كيف أناديك حين
تَمُر أمامي]
------------------------------------------------------
لا أعرف الشخص الغريب
لا أعرف الشخصَ الغريبَ ولا مآثرهُ...
رأيتُ جِنازةً فمشيت خلف النعش،
مثل الآخرين مطأطئ الرأس احتراماً. لم
أجد سبباً لأسأل: مَنْ هُو الشخصُ الغريبُ؟
وأين عاش، وكيف مات [ فإن أسباب
الوفاة كثيرةٌ من بينها وجع الحياة].
سألتُ نفسي: هل يرانا أم يرى
عَدَماً ويأسفُ للنهاية؟ كنت أعلم أنه
لن يفتح النَّعشَ المُغَطَّى بالبنفسج كي
يُودِّعَنا ويشكرنا ويهمسَ بالحقيقة
[ ما الحقيقة؟] رُبَّما هُوَ مثلنا في هذه
الساعات يطوي ظلَّهُ. لكنَّهُ هُوَ وحده
الشخصُ الذي لم يَبْكِ في هذا الصباح،
ولم يَرَ الموت المحلِّقَ فوقنا كالصقر...
[ فاًحياء هم أَبناءُ عَمِّ الموت، والموتى
نيام هادئون وهادئون وهادئون ] ولم
أَجد سبباً لأسأل: من هو الشخص
الغريب وما اسمه؟ [ لا برق
يلمع في اسمه ] والسائرون وراءه
عشرون شخصاً ما عداي [ أنا سواي]
وتُهْتُ في قلبي على باب الكنيسة:
ربما هو كاتبٌ أو عاملٌ أو لاجئٌ
أو سارقٌ، أو قاتلٌ ... لا فرق،
فالموتى سواسِيَةٌ أمام الموت .. لا يتكلمون
وربما لا يحلمون ...
وقد تكون جنازةُ الشخصِ الغريب جنازتي
لكنَّ أَمراً ما إلهياً يُؤَجِّلُها
لأسبابٍ عديدةْ
من بينها: خطأ كبير في القصيدة
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
سجل انا عربي
سَجِّلْ! أنا عربي
ورقم بطاقتي خمسون ألف
وأطفالي ثمانية وتاسعهم.. سيأتي بعد صيف!
سَجِّلْ! أنا عربي
وأعمل معْ رفاق الكدح في محجر
وأطفالي ثمانية أسلُّ لهم رغيف الخبز
والأثواب والدفتر من الصخر..
ولا أتوسل الصدقات من بابك
ولا أصغر أمام بلاط أعتابك
فهل تغضب؟
سجل! أنا عربي
أنا إسمٌ بلا لقب
صبور في بلاد كل ما فيها
يعيش بفورة الغضب
جذوري.. قبل ميلاد الزمان رست
وقبل تفتح الحقب وقبل السرو والزيتون..
وقبل ترعرع العشب
أبي.. من أسرة المحراث لا من سادة نجب
وجدي كان فلاحًا بلا حسبٍ.. ولا نسبٍ!
يُعلمني شموخ الشمس قبل قراءة الكتب
وبيتي، كوخ ناطورٍ من الأعواد والقصب
فهل تُرضيك منزلتي؟ أنا إسمٌ بلا لقبٍ!
سَجِّل! أنا عربي
ولون الشعر فحمي ولون العين بني
وميزاتي:
على رأسي عقال فوق كوفية
وكفي صلبة كالصخر.. تخمش من يلامسها
وعنواني:
أنا من قرية عزلاء.. منسيه شوارعها بلا أسماء
وكل رجالها.. في الحقل والمحجر
فهل تغضب؟
سَجِّل أنا عربي
سلبت كروم أجدادي وأرضًا كنت أفلحها
أنا وجميع أولادي
ولم تترك لنا.. ولكل أحفادي
سوى هذي الصخور..
فهل ستأخذها
حكومتكم.. كما قيلا !؟
إذن!
سجل.. برأس الصفحة الأولى
أنا لا أكره الناس
ولا أسطو على أحد
ولكني.. إذا ما جعتُ
آكلُ لحم مغتصبي
حذار.. حذار.. من جوعي
ومن غضبي
كمقهى صغير على شارع الغرباء -
هو الحبُّ ... يفتح أبوابه للجميع.
كمقهى يزيد وينقُصُ وَفْق المُناخ:
إذا هَطَلَ المطرُ ازداد رُوّادُهُ،
وإذا اعتدل الجو قلُّوا وملُّوا...
أنا ههنا - يا غربيةُ - في الركم أجلس
[ما لون عينيكِ؟ ما اسمكِ؟ كيف
أناديك حين تَمُرِّين بي، وأنا جالس
في انتظاركِ؟ ]
مقهى صغيرٌ هو الحبُّ. أطلب كأسي
نبيذٍ وأشرب نخبي ونخبك. أحمل
قبّعتين وشمسية. إنها تمطر الآن.
تمطر أكثر من أي يوم، ولا تدخلين.
أقول لنفسي أخيراً: لعل التي كنت
أنتظرُ انتظَرَتْني ... أو انتظَرتْ رجلاً
آخرَ - انتظرتنا ولم تتعرف عليه / عليَّ،
وكانت تقول: أنا ههنا في انتظارك.
[ما لون عينيكَ؟ أي نبيذْ تحبُّ؟
وما اسمكَ؟ كيف أناديك حين
تَمُر أمامي]
------------------------------------------------------
لا أعرف الشخص الغريب
لا أعرف الشخصَ الغريبَ ولا مآثرهُ...
رأيتُ جِنازةً فمشيت خلف النعش،
مثل الآخرين مطأطئ الرأس احتراماً. لم
أجد سبباً لأسأل: مَنْ هُو الشخصُ الغريبُ؟
وأين عاش، وكيف مات [ فإن أسباب
الوفاة كثيرةٌ من بينها وجع الحياة].
سألتُ نفسي: هل يرانا أم يرى
عَدَماً ويأسفُ للنهاية؟ كنت أعلم أنه
لن يفتح النَّعشَ المُغَطَّى بالبنفسج كي
يُودِّعَنا ويشكرنا ويهمسَ بالحقيقة
[ ما الحقيقة؟] رُبَّما هُوَ مثلنا في هذه
الساعات يطوي ظلَّهُ. لكنَّهُ هُوَ وحده
الشخصُ الذي لم يَبْكِ في هذا الصباح،
ولم يَرَ الموت المحلِّقَ فوقنا كالصقر...
[ فاًحياء هم أَبناءُ عَمِّ الموت، والموتى
نيام هادئون وهادئون وهادئون ] ولم
أَجد سبباً لأسأل: من هو الشخص
الغريب وما اسمه؟ [ لا برق
يلمع في اسمه ] والسائرون وراءه
عشرون شخصاً ما عداي [ أنا سواي]
وتُهْتُ في قلبي على باب الكنيسة:
ربما هو كاتبٌ أو عاملٌ أو لاجئٌ
أو سارقٌ، أو قاتلٌ ... لا فرق،
فالموتى سواسِيَةٌ أمام الموت .. لا يتكلمون
وربما لا يحلمون ...
وقد تكون جنازةُ الشخصِ الغريب جنازتي
لكنَّ أَمراً ما إلهياً يُؤَجِّلُها
لأسبابٍ عديدةْ
من بينها: خطأ كبير في القصيدة
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
سجل انا عربي
سَجِّلْ! أنا عربي
ورقم بطاقتي خمسون ألف
وأطفالي ثمانية وتاسعهم.. سيأتي بعد صيف!
سَجِّلْ! أنا عربي
وأعمل معْ رفاق الكدح في محجر
وأطفالي ثمانية أسلُّ لهم رغيف الخبز
والأثواب والدفتر من الصخر..
ولا أتوسل الصدقات من بابك
ولا أصغر أمام بلاط أعتابك
فهل تغضب؟
سجل! أنا عربي
أنا إسمٌ بلا لقب
صبور في بلاد كل ما فيها
يعيش بفورة الغضب
جذوري.. قبل ميلاد الزمان رست
وقبل تفتح الحقب وقبل السرو والزيتون..
وقبل ترعرع العشب
أبي.. من أسرة المحراث لا من سادة نجب
وجدي كان فلاحًا بلا حسبٍ.. ولا نسبٍ!
يُعلمني شموخ الشمس قبل قراءة الكتب
وبيتي، كوخ ناطورٍ من الأعواد والقصب
فهل تُرضيك منزلتي؟ أنا إسمٌ بلا لقبٍ!
سَجِّل! أنا عربي
ولون الشعر فحمي ولون العين بني
وميزاتي:
على رأسي عقال فوق كوفية
وكفي صلبة كالصخر.. تخمش من يلامسها
وعنواني:
أنا من قرية عزلاء.. منسيه شوارعها بلا أسماء
وكل رجالها.. في الحقل والمحجر
فهل تغضب؟
سَجِّل أنا عربي
سلبت كروم أجدادي وأرضًا كنت أفلحها
أنا وجميع أولادي
ولم تترك لنا.. ولكل أحفادي
سوى هذي الصخور..
فهل ستأخذها
حكومتكم.. كما قيلا !؟
إذن!
سجل.. برأس الصفحة الأولى
أنا لا أكره الناس
ولا أسطو على أحد
ولكني.. إذا ما جعتُ
آكلُ لحم مغتصبي
حذار.. حذار.. من جوعي
ومن غضبي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى